✨"حين انعكسنا في ضوء القمر" ✨
في إحدى المدارس الثانوية الواقعة في قلب المدينة، كانت "سيرين" فتاةً هادئة، لا تحب الضجيج ولا تحب أن تكون محط الأنظار. تجلس دائماً في المقعد الثاني من الصف، قرب النافذة، حيث يتسلل ضوء الشمس إلى دفترها ويمنح كتاباتها دفئاً خاصاً.
في بداية الفصل الدراسي الجديد، انتقل إلى صفها طالبٌ جديد يُدعى "زيفان"، شاب هادئ، ملامحه توحي بالغموض، وابتسامته نادرة لكنها صادقة. جلس في المقعد الخلفي، ولم يُبدِ اهتماماً كثيراً بمن حوله.
كانت الأيام تمر، و"سيرين" تلاحظ أن "زيفان" يكتب كثيراً في دفترٍ صغير أسود الغلاف، تماماً كما تفعل هي. وفي أحد الأيام، نسي "زيفان" دفتره على الطاولة بعد انتهاء الحصة، فاقتربت "سيرين" بهدوء وحملته، تنوي تسليمه له في اليوم التالي.لكن الفضول غلبها. فتحت الدفتر لتجد كلماتٍ تشبه كثيراً ما تكتبه هي... نفس الأسلوب، نفس التفاصيل الصغيرة، وحتى نفس المواضيع: الغروب، العزلة، والحنين لشيء لا يُسمّى.
في صباح اليوم التالي، التقت به عند بوابة المدرسة، وأعطته الدفتر وهي تقول بابتسامة خفيفة: "أظن أننا نكتب عن نفس العالم، لكن بلغتين مختلفتين."
ابتسم "زيفان" لأول مرة منذ دخوله المدرسة، وقال: "ربما لأننا نرى نفس الحلم... فقط من زاويتين مختلفتين".
في تلك الليلة، عادت" سيرين"إلى منزلها ووقفت أمام نافذتها المطلة على الحديقة الخلفية. رفعت عينيها إلى السماء، فإذا بالقمر بدراً، يتوسط السواد بنقائه، كأنه عينُ الليل التي لا تنام. ابتسمت وهي تتذكر كلمات "زيفان" في الصباح، وكأنها تسمع صدى صوته يتردد مع ضوء القمر: "نفس الحلم، من زاويتين مختلفتين."
في اليوم التالي، جلست "سيرين" في مكانها المعتاد، ووجدت على طاولتها ورقة صغيرة مطوية. فتحتها بفضول، وكانت مكتوبة بخط
"زيفان"
"أتعلمين؟ القمر لا يضيء لأنه يملك ضوءاً... بل لأنه يعكس ضوء غيره، ومع ذلك، نحبه أكثر من الشمس أحياناً. أعتقد أن بعض الناس هكذا أيضاً... يضيئون فقط حين نراهم بقلوبنا، لا بأعيننا
رفعت نظرها إلى المقعد الخلفي، فوجدت "زيفان" ينظر إليها بهدوء. لم يقل شيئاً، لكنها شعرت أن شيئاً جديداً بدأ يزهر بصمت، كزهرةٍ لا تحتاج لكلمات حتى تنمو، يكفيها ضوء القمر.
ومنذ تلك اللحظة، أصبح القمر شاهداً على بداية حديث صامت بين قلبين... لا رسائل فيه، لا وعود، فقط نظرات تلتقي عند الغروب، وأحلام تُكتب على ضوء القمر.
حيث كانا يتقابلان بصمت بعد انتهاء الدوام، قرب الشجرة الكبيرة في فناء المدرسة، حيث ينعكس ضوء القمر على دفتر "سيرين" ويدوّن "زيفان" عباراته تحت الضوء ذاته
: وفي إحدى الليالي، ترك لها ورقة بين صفحات دفترها
"... سيرين"
أحياناً، يكون القمر الوحيد الذي يرى الأشياء بوضوح. وأنا، حين أنظر إليك، أراه في عينيك