<-قصة تأملات في الذات... عندما يصبح القمر مرآة للقلب->
كانت الساعة تقترب من منتصف الليل حين قررت "ليان" أن تغادر غرفتها الصغيرة، المزدحمة بالكتب والذكريات، والمليئة بالضوء الاصطناعي الخافت الذي لم يطمئن قلبها يومًا. خرجت بخطى هادئة إلى الحديقة الخلفية لمنزل جدتها الراحلة.الحديقة نفسها التي اعتادت أن تختبئ فيها من ضجيج الحياة.
تلك الزاوية القديمة، بجانب شجرة السرو الكبيرة، حيث يوجد المقعد الخشبي الذي صمد رغم مرور الزمن وتغير الفصول رفعت رأسها نحو السماء، فإذا بالقمر كاملًا، مضيئًا، كأنه يراقبها بصمت. كان المشهد مألوفًا، لكنه في تلك الليلة بدا مختلفًا... أكثر دفئًا، أكثر حضورًا.جلست بصمت، وفتحت الكتاب الجلدي العتيق الذي تركته جدتها لها قبل أن ترحل. بين صفحاته، وُجدت وردة يابسة، ورائحة الحنين، ورسالة بخط اليد:"ليان، تذكّري دومًا أن القمر لا يضيء من ذاته، بل يعكس نور الشمس… نحن كذلك، نظهر للناس ما نكتسبه من نور داخلنا. فلا تبحثي عن الضوء في الخارج وأنت تحملينه في صدرك."ارتجفت يدها، لا بسبب البرد، بل لأن الكلمات لامست شيئًا عميقًا في قلبها. تذكرت كم كانت تطارد الأجوبة في الأماكن الخطأ، بين علاقات لم تفهمها، وأحلام لا تشبهها.سمعت في تلك اللحظة صوت الريح يمر برفق بين الأغصان، كأن الطبيعة كلها تُصغي لصمتها الداخلي. تنهدت، ثم أغمضت عينيها، وتركت الدموع تنزل بهدوء، لا حزنًا... بل تطهيرًا.وفي لحظة صفاء نادرة، أدركت ليان أن ضوء القمر لم يكن مجرد مشهد رومانسي. كان رسالة. كان مرآة. كان دعوة لتتأمل قلبها كما هو، دون تزويق.رفعت وجهها إلى السماء، وهمست:"أنا لا أحتاج أن أكون شمسًا لأُحب. يكفيني أن أكون قمرًا... أعكس النور، وأنير الظلمة لمن فقد طريقه."ابتسمت، ثم أغلقت الكتاب، ووقفت. كانت خطواتها عائدة إلى المنزل أثقل، لكن قلبها أخف.ومنذ تلك الليلة، لم تعد ليان تكتب خواطرها في النهار. كانت تكتبها فقط تحت ضوء القمر... لأنه، هناك فقط، كانت تسمع صوتها بوضوح
😍
ردحذف🥰🙈
ردحذف